إدانة زوجة نتنياهو وبيع القناني الفارغة
د.نسيب حطيط
أدان النائب العام للعدو الإسرائيلي سارة نتنياهو بتهمة "نهب المال العام "عبر بيع العبوات الفارغة في منزلها والتي يبلغ مردودها حوالي خمسة آلاف دولارسنويا والزمها بإرجاع الف دولار!
عندما تقرأ خبر الإتهام والإدانة تزاحمك إبتسامة يشوبها الحزن وتبدأ بالمقارنة بين سرقة (بجهد) جمع العبوات الفارغة التي تستعملها عائلة نتنياهو بعد فرزها وحتى لا ترميها في القمامة وبين ما يجري في عالمنا العربي وبلدنا لبنان، والذي تتطاير فيه ملايين الدولارات دون أن ينتبه أحد وإذا انتبه وصرخ يأتي المتهم ويتقدم الصفوف الأمامية لمحاسبة المتورطين !!
أموال النفط يشفطها الأمراء الذين لا عدد لهم والملوك والحاشية كأن ثروة البلاد وما عليها هي ملك العائلة تبيعها وتهديها دون اعتبار للشعب والمواطنين والفقراء !!
في لبنان بدأ الدين العام عام 1990 بحوالي ملياردولار فقط وبلغ على مدى 25 عاماً حدود 66 مليار دولار أي بمعدل زيادة 2.4 مليار دولار سنوياً..... وليس خمسة آلاف دولار قيمة عبوات ساره نتنياهو الفارغة !!
عبوات "ساره" الفارغة تهدد نتنياهو في الإنتخابات الإسرائيلية المقبلة والمليارات عندنا لا تهدد أحداً لا ملكاً ولا أميراً ولا رئيساً ولا وزيراً ولا نائباً ولا مسؤولاً بل تجمع الجماهير الفارغة المقطورة والتي تهتف بالروح بالدم نفديك...فاركب على ظهورنا ما شئت.. واضحك علينا ما شئت... فالناس جبلت على القهر والسوط وتسبح بحمد من يهملها ويتعالى عليها.. والتابعون يصوتون لمن لا يوافق على مطالبهم والفلاحون يبايعون من يأخذ مشاعاتهم ولا يؤمن الماء والكهرباء... عليهم أن يدفعوا ثمن إحتفالات الترحيب ويافطات إحياء المناسبات ويسرقونها من أفواه أطفالهم...كرمى لمن ينصبونه زعيماً!
الشهداء يدفعون الأثمان قتلاً في سبيل الله... ويتم أطفالهم وثكل زوجاتهم وحرقة أمهاتهم وآبائهم ... لكنهم يضحون من أجل قضية مقدسة للدفاع عن الدين والأهل... وبعض من في المسيرة يضحي بالخطابة في ذكراهم ويعيش بترف المسؤول ، بينما يروى عن المرحوم المرجع السيد محسن الأمين انه لم يعش على الأموال الشرعية بل من كتبه ومنشوراته وبعض المعممين يتبارون بالمنافسة برغد العيش والأبهة مع أسرهم فيتلازم المسجد مع المنزل الخاص الذي يتوارثه الأبناء !
في مسيرة الجهاد لا فضل لمسؤول على مجاهد، فالكل سواسية وهذا أمير المؤمنين علي (ع) قد اكتفى من طعامه بطمريه ولم يأخذ من بيت المال وهذا أبا ذر الغفاري الصحابي الجليل الذي لم تجد زوجته قماشاً تكفنه به ....وهو الذي نشر التشيع في جبل عامل وبذر بذرة التقوى والزهد والإيمان.
المرحلة صعبة وتحمل في ثناياها الفتن ما ظهر منها وما بطن وبعض الفتنة ،المال والبنون والجاه والتي يشفيها الجهاد الأكبروهو جهاد النفس حتى ننتصر بالجهاد والأصغر وهو القتال..... في رقابنا دماء من قضى وعذابات من ينتظر ...حقهم علينا أن لا نخيب ظنهم ونهدم ما عمروا بسواعدهم وجراحهم ونستبدلها بزينة الدنيا سيارات وشقق وحدائق تحتاج لمياه أكثر من مصروف عائلة محرومة ومجاهدة.
الشهداء والجرحى والمعوقون والمجاهدون شركاء في أموالنا وتجارتنا والقابنا ومناصبنا فهم الذين صنعوا المجد وبنوا جسر العبور لنا للمشاركة في الدولة وقيامها وحموا أسواقنا وتجارتنا وحتى أماكن الترفيه لنفرح في وقت تحزن فيه عائلاتهم عند استشهادهم ومع ذلك يضعهم البعض بموقع المتهم وكأنهم اقترفوا عاراً يتمثل بمقاومة العدو الإسرائيلي ومقاومة التكفيريين وحماية لبنان بكل طوائفه وأحزابه... إنها المأساة أن يصبح المترف والمتعامل قاضياً لجلد المقاومين ولكن يبقى ظلم ذوي القربى أشد وأظلم عن قصد أو غير قصد حتى لو بمائدة يملؤها الدسم ... في وقت يعاني المجاهدون من الجوع وتبيت عائلاتهم على التقشف والصيام...قليلاً من التقوى ... وقليلاً من الحياء والإنسانية!